هذه هي المجموعة القصصية الرابعة للروائي والناقد المغربي محمد أنقار بعد "زمن عبد الحليم" (1994)، و"مؤنس العليل" (2003)، و"الأخرس" (2005).
تتشكل المجموعة من عشر قصص هي على التوالي: بلغ سلامي إلى عايدة. هدية. عين شكوح. الفـم. العلم نـور. تفاحة عبد الجليل. ذئب النويـنو. رياح التيتانيك. قطة الخلاء. بالمناسبة.. أين اختفي فريد الأطرش؟.
نقرأ في الغلاف الأخير:
«منذ البداية، يخبر المؤلف قارئه النبيه بأن عملية البحث عن فريد الأطرش لن تتوَّج بالعثور على هذا الفنان خلال قــراءة المجموعة. كما يخبره بأن عملية البحث إذا كانت تكتسي أهمية ما، فإن الوسيلة التي تمت بها في هذه المجموعـــة لا تقل أهمية عن البحث ذاتــه.
لقد غدا السؤال عن ماهية القيم الفنية الأصيلة في زماننا صعباً، لكنه ليس مستحيلاً. وفريد الأطرش قيمة فنية كبيرة جديرة بأن نتساءل، على الأقل، عن رمزيتها، ومدى قدرتها على تنوير بعض عتمة زمننا الراهن..».
يمكن اعتبار هذه الكلمات بمثابة مفتاح لقراءة المجموعة. وهي في حقيقتها دعوة إلى القارئ كي يسهم بنصيبه الوافر في مقاربة بعض دلالات العمل، واستشراف جوانب من معانيه. بمعنى آخر إن الكاتب يدعو القارئ بصورة صريحة إلى تأمل الأساليب والصيغ التي شُكلت بها الدلالات العامة للمجموعة إلى جانب احتفائه بتفاصيل الموضوعات. من أجل تحقيق تلك الغاية لم يكن ثمة حضور مباشرة لفريد الأطرش إلا في سطر وحيد ورد في صيغة سؤال قبيل خاتمة المجموعة:
«بالمناسبة.. أين اختفى فريد الأطرش؟».
أما عنوان المجموعة فمستلهم من التصور العام الذي تصدر عنه أكثر من صدوره عن ذلك الحضور المباشر. هذه الخطة في الصياغة ليست جديدة لدى المؤلف. فقد كان ثمة غياب تام لعبد الحليم في مجموعته الأولى الحاملة لذات الاسم. وقل الأمر نفسه عن "مؤنس العليل" و"الأخرس". هي خطة تراهن على تشيكل الدلالات وبناء الكون القصصي انطلاقاً من النص الغائب أكثر مما تراهن على الكلمات المدونة والنص الحاضر المكتوب.
هي دعوة إذن إلى طلب المتعة الجمالية والقيمة الإنسانية بواسطة التأمل والفراسة واستشراف ما بين الأسطر.